رئيس مجلس الإدارة
عمرو عامر
رئيس مجلس الإدارة
عمرو عامر

من قلب أسوان.. متحف النوبة يروي قصة شعب لا ينسى وجذور لاتموت

متحف النوبة بأسوان
متحف النوبة بأسوان

في قلب مدينة أسوان، وعلى ضفاف النيل الخالد، يقف متحف النوبة شاهدًا على حضارة ضاربة بجذورها في عمق التاريخ، ومجسدًا لهوية شعب عريق استطاع أن يحافظ على تراثه رغم التغيرات التي مرّت بها المنطقة عبر العصور.

نافذة على حضارة تمتد لآلاف السنين

افتُتح متحف النوبة في عام 1997 ليكون بمثابة جسر ثقافي يربط بين الماضي والحاضر، ويعرض ملامح الحضارة النوبية التي ازدهرت على ضفاف النيل منذ آلاف السنين. يقع المتحف على ربوة تطل على نهر النيل بالقرب من صرح خزان أسوان، ما يمنحه موقعًا استثنائيًا يجمع بين الجمال الطبيعي والعمق التاريخي.

صُمم المتحف بأسلوب معماري مستوحى من البيوت النوبية القديمة، بقبابها وألوانها الترابية الدافئة، ليكون المعمار نفسه جزءًا من رسالة المتحف في الحفاظ على روح المكان وهويته الثقافية.

رحلة عبر الزمن داخل أروقة المتحف

يضم متحف النوبة أكثر من 5000 قطعة أثرية تُجسّد مختلف مراحل التاريخ النوبي، بدءًا من عصور ما قبل التاريخ مرورًا بعصر الممالك النوبية القديمة، وصولًا إلى العصرين الإسلامي والحديث.
تعرض القاعات قطعًا فنية نادرة، منها أدوات استخدمها الإنسان النوبي في حياته اليومية، ومخطوطات تكشف عن لغته ومعتقداته، إلى جانب مجوهرات ومنسوجات وفخار يعكس براعة الحرفيين النوبيين وإبداعهم.

كما يضم المتحف قاعة خاصة توثق قصة إنقاذ آثار النوبة أثناء بناء السد العالي في ستينيات القرن الماضي، في واحدة من أضخم عمليات الإنقاذ الأثري في العالم، شاركت فيها بعثات دولية بالتعاون مع منظمة اليونسكو.

فعاليات وثقافة حية تحفظ التراث

لا يقتصر دور المتحف على عرض المقتنيات فقط، بل يمتد ليصبح مركزًا ثقافيًا نشطًا يحتضن العديد من الفعاليات، وورش العمل الفنية والتعليمية الموجهة للأطفال والشباب لتعريفهم بالتراث النوبي وأصالته.
كما يُنظّم المتحف عروضًا موسيقية ومهرجانات فنية تسلط الضوء على الفنون النوبية من رقص وغناء وموسيقى، التي تُعد جزءًا أصيلًا من هوية المنطقة.

تحديات الحفاظ على الذاكرة

رغم الجهود المبذولة، يواجه متحف النوبة تحديات عدة أبرزها صيانة القطع الأثرية القديمة التي تتطلب تقنيات دقيقة وتكاليف مرتفعة، إلى جانب الحاجة إلى مزيد من الترويج الإعلامي لجذب الزوار المحليين والأجانب.
وقد أطلقت وزارة السياحة والآثار بالتعاون مع مؤسسات ثقافية محلية مبادرات لرفع الوعي بأهمية المتحف ودوره في حفظ ذاكرة الجنوب المصري، باعتباره أحد رموز التنوع الثقافي في البلاد.

جسر بين الماضي والحاضر

زيارة متحف النوبة ليست مجرد جولة بين قاعات أثرية، بل هي رحلة إنسانية تعيد الزائر إلى جذور التاريخ، وتكشف عن روح شعب قاوم التهجير والنسيان بالحفاظ على لغته، فنونه، وتراثه.
إنه مكان لا يروي قصة النوبة فحسب، بل يحكي أيضًا قصة مصر نفسها بتنوعها وثرائها الحضاري، ليظل متحف النوبة في أسوان جسرًا نابضًا بالحياة بين الماضي والحاضر، وذاكرةً لا تغيب عن وجدان الوطن.

تم نسخ الرابط