حمام فرعون في سيناء: واحة مائية تحكي أسرار التاريخ بين صخور الجبال

في قلب شبه جزيرة سيناء القاسية، حيث تمتزج حرارة الصحراء مع صمت الجبال، يقع حمام فرعون، ذلك الموقع الذي يحمل بين طياته سرًا طبيعيًا قديمًا، يجذب إليه آلاف الزوار سنويًا بحثًا عن ملاذ طبيعي من حرارة الصيف القاسية، وتجربة فريدة تجمع بين الاسترخاء والتاريخ.

ينابيع بين الصخور.. مياه تعانق الجبال

يقع حمام فرعون على بعد حوالي 30 كيلومترًا جنوب مدينة شرم الشيخ، على سفوح جبال سيناء التي تعانق السماء بارتفاعاتها الشاهقة. هنا، تخرج مياه نقية وعذبة من بين الصخور لتتجمع في برك طبيعية تشكل وجهة فريدة للاستجمام وسط الطبيعة البكر. هذه المياه تنساب ببرودة غريبة وسط حرارة الصحراء، ما يجعل المكان واحة حقيقية، ينبعث منها إحساس بالانتعاش والهدوء.

تاريخ يمتد عبر العصور.. والاسطورة التي لا تنتهي

يحمل اسم "حمام فرعون" صدى التاريخ المصري القديم. تحكي القصص المحلية أن الفراعنة أنفسهم قد استخدموا هذه المياه، مستفيدين من خصائصها العلاجية والانتعاشية. تقول الأساطير إن ملوك مصر القدامى كانوا يتجهون إلى هذا الموقع ليستحموا وينتعشوا، وأن هذه الينابيع كانت جزءًا من طقوسهم الصحية، ما يمنح المكان هالة من القدسية والغموض.

الطبيعة في أبهى صورها

حمام فرعون ليس مجرد مياه وبرك، بل بيئة متكاملة تحيط بها النباتات الصحراوية المتنوعة، وأنواع من الطيور والحيوانات الصغيرة التي تجد في هذه الواحة ملاذًا للحياة. المشهد بين الصخور، والألوان الطبيعية التي تتغير مع ألوان الشمس، تشكل لوحة فنية طبيعية تسحر الزوار.

 السباحة والتخييم تحت نجوم سيناء

الكثير من الزوار الذين يصلون إلى حمام فرعون يصفونه بأنه ملاذ للاسترخاء والتجدد. يقول أحد السياح: "المياه باردة ونقية، والشعور بالسباحة وسط الجبال أمر لا يُنسى". كما أن التخييم في الموقع ليلاً تحت سماء سيناء الصافية يضيف تجربة روحية لا مثيل لها، حيث يمكنك رؤية النجوم بوضوح مدهش، بعيدًا عن أضواء المدينة.

التهديدات البيئية 

لكن جمال حمام فرعون بدأ يتعرض للخطر مع تزايد أعداد السياح. إذ أظهرت التقارير تزايدًا في التلوث وترك النفايات في المنطقة، مما يهدد نقاء المياه وراحة الزوار. هذا الأمر دفع الجهات المعنية إلى اتخاذ إجراءات لحماية الموقع، منها حملات توعية وتنظيم للزيارات، لضمان استمرار هذا الموقع الطبيعي في حالته الصحية.

 معركة ضد التلوث للحفاظ على إرث سيناء

تعمل السلطات المحلية ومنظمات بيئية على توعية الزوار بأهمية الحفاظ على حمام فرعون، وتطبيق قواعد تمنع الإضرار بالموقع. من خلال تنظيم رحلات أكثر انضباطًا، وتوفير خدمات للنظافة، إلى جانب مراقبة مستمرة، تسعى الجهات المعنية للحفاظ على هذا الكنز الطبيعي من التدهور.

حمام فرعون هو أكثر من مجرد مكان للسياحة والاستجمام؛ إنه قصة مستمرة بين الطبيعة والتاريخ، ترويها مياه باردة بين صخور سيناء. لكنها قصة تحتاج إلى كتابة جديدة كل يوم، بمشاركة الجميع للحفاظ على جمالها ونقائها، لتبقى ملاذًا للأجيال القادمة.