البحر الأحمر في مصر.. خطة شاملة لتنمية السياحة الفاخرة والاستثمار المستدام

أصبحت شواطئ البحر الأحمر في مصر وجهة سياحية واستثمارية رائدة، بفضل جمال شواطئها وشمسها الساطعة وموقعها المميز وتسعى الحكومة المصرية إلى تعزيز هذه المناطق لجذب الاستثمارات الخاصة، بهدف تنويع الاقتصاد المصري وتحسين قطاع السياحة، ومن شأن هذه الاستثمارات خلق فرص عمل، وجذب رؤوس الأموال الأجنبية، ودفع عجلة التنمية الاقتصادية المحلية.
البحر الأحمر كمركز سياحي واستثماري
تجري تطوير المناطق الساحلية للبحر الأحمر لاستضافة المنتجعات الفاخرة والمجمعات السياحية المتكاملة والبنية التحتية اللازمة وتتضمن رؤية الحكومة تخصيص أربعة إلى خمسة مواقع ساحلية كبيرة للتنمية، مستوحاة من نجاح مشروع رأس الحكمة وتهدف هذه الخطة إلى تحويل البحر الأحمر إلى وجهة سياحية عالمية فاخرة، مما يعزز اقتصاد مصر.
وفقًا للمجلس العالمي للسفر والسياحة، ساهمت السياحة في الناتج المحلي الإجمالي المصري بنحو 1.4 تريليون جنيه مصري في عام 2024.

وبلغت إيرادات السياحة 15.3 مليار دولار أمريكي في عام 2024، بزيادة 9% مقارنة بالعام السابق، ما يؤكد الدور الحيوي لهذا القطاع. وتُعد مشاريع مثل مشروع مرسى خليج البحر الأحمر، المدعوم باستثمارات خليجية ضخمة تزيد عن 18 مليار دولار، مثالًا على حجم التنمية الهائل الذي يهدف إلى تحويل المنطقة إلى وجهة سياحية واستثمارية عالمية من الدرجة الأولى وسيوفر هذا المشروع ما يصل إلى 170 ألف وظيفة خلال فترة الإنشاء و25 ألف وظيفة دائمة، مما يعزز الدخل والطلب المحلي.
أعلنت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي أن قطاع السياحة كان المحرك الأبرز للنمو الاقتصادي خلال العام المالي 2024-2025، حيث حقق معدل نمو سنوي بلغ 17.3%، ليُسجّل أعلى القطاعات أداءً، ويعزز تعافي الاقتصاد المصري في مواجهة التحديات العالمية.
وأوضحت الوزارة أن الناتج المحلي الإجمالي سجل نموًا قويًا بلغ 5% في الربع الرابع من العام المالي، وهو الأعلى منذ ثلاث سنوات، لترتفع النسبة السنوية إلى 4.4% متجاوزة المستهدف البالغ 4.2%.

زيادة جاذبية البحر الأحمر للسياح على مر السنين
جذب الساحل المصري للبحر الأحمر السياح بشكل متزايد على مدى العقود الماضية، وتحول من وجهة سياحية متخصصة للغوص إلى وجهة سياحية عالمية ومنذ الثمانينيات، اكتسبت مناطق مثل الغردقة شهرة واسعة بفضل مناخها الدافئ طوال العام وشعابها المرجانية ونشاطاتها الرياضية المائية.
وبحلول نهاية العقد الأول من الألفية، شهدت السياحة في البحر الأحمر طفرة كبيرة، مع ازدياد عدد المنتجعات وزيادة أعداد السياح، وخاصة هواة الغوص وشكل السياح الأوروبيون نسبة كبيرة من الزوار، الذين انجذبوا إلى الشواطئ الرملية البيضاء والغابات المرجانية الملونة.
وشهدت هذه المنطقة الساحلية أيضًا تطورًا سريعًا في قطاع الفنادق ومراكز الغوص والمرافق الترفيهية، مما جعلها مساهمًا رئيسيًا في إيرادات السياحة المصرية. على الرغم من التحديات التي فرضتها المخاوف البيئية وعدم الاستقرار الإقليمي، استمرت منطقة البحر الأحمر في إظهار مرونة ملحوظة، وجذب عدد متزايد من السياح الباحثين عن تجارب ساحلية فاخرة ومغامرات سياحية، ويعكس هذا النمو في أعداد الزوار وتطوير البنية التحتية وتنوع المنتجات السياحية، مثل رياضة اليخوت والسياحة البيئية، جاذبية البحر الأحمر المستمرة كقطاع حيوي في صناعة السياحة المصرية.
تشجيع مشاركة القطاع الخاص
أكد الخبراء على أهمية مشاركة القطاع الخاص لتعزيز النمو وإدخال نماذج أعمال مبتكرة ورأس مال استثماري ويمكن لهذه النماذج الاستثمارية تجاوز قيود التمويل الحكومي وتعزيز الكفاءة حيث أن الموقع الجغرافي الفريد والتنوع البيولوجي الغني لساحل البحر الأحمر يوفران فرصًا لكل من المنتجعات السياحية والتنمية الحضرية، مما يساعد مصر على تنويع مصادر دخلها، وفقا لما ذكرة "travelandtourworld".

علاوة على ذلك، سيكون لهذه المشاريع تأثير إيجابي على قطاعات أخرى، بما في ذلك سلاسل التوريد والنقل والعقارات وتنظيم الفعاليات ويمكن أن تصبح مشاريع السياحة الساحلية مصدر دخل ثابت من العملة الأجنبية من خلال إنفاق السياح والاستثمار العقاري، وهو أمر بالغ الأهمية لاستقرار العملة. سيلعب تعزيز البنية التحتية وجهود التسويق دورًا محوريًا في تحقيق هذا الإمكان.
معالجة التحديات والمخاوف البيئية
مع كل هذه الآفاق الواعدة، لا بد من معالجة العديد من التحديات. فمحدودية البنية التحتية والعقبات الإدارية وتهديدات تدهور البيئة تشكل عوائق كبيرة حيث أشار الخبراء إلى ضرورة حماية النظم البيئية الحساسة، مثل الشعاب المرجانية، من خلال تشريعات بيئية صارمة وممارسات سياحية مستدامة.
يجب احترام مخاوف المجتمعات المحلية بشأن النزوح وفقدان التراث الثقافي من خلال إشراكها في عملية صنع القرار وسيساعد تقليل الإجراءات الإدارية وتعزيز الشفافية في جذب المزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر وتقليل مخاطر الأعمال، وتشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص للاستثمار في البنية التحتية الأساسية وتنوع المنتجات السياحية، مثل السياحة العلاجية والثقافية وأعمال المؤتمرات، يمكن أن يساهم في تخفيف المخاطر وتعزيز استدامة المشاريع.

مسيرة التعاون نحو مستقبل أفضل
إن تركيز مصر الاستراتيجي على إشراك القطاع الخاص في تطوير منطقة البحر الأحمر يعد بمثابة مستقبل واعد لتنويع الاقتصاد الإقليمي وخلق فرص العمل وجذب الاستثمار الأجنبي ومن خلال الاستفادة من الموارد الطبيعية وخبرات القطاع الخاص، تسعى مصر إلى تعزيز قطاع السياحة، وهو محرك رئيسي للاقتصاد الوطني.
وإن التزام الحكومة بتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والاستدامة البيئية، وتعزيز مشاركة المجتمع، ووضوح القوانين واللوائح، يدل على اتباع نهج تعاوني وإذا ما تم تنفيذ هذا النهج بنجاح، سيصبح البحر الأحمر وجهة سياحية فاخرة مستدامة، مما يسهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي على المدى الطويل وتعزيز القدرة التنافسية على المستوى العالمي.